توصيات أوروبية جديدة لتعزيز حماية المدن من الإرهاب

الاتحاد الأوروبي خصص 140 مليون دولار لدعم المشاريع الأمنية

المفوض الأوروبي للأمن جوليان كينغ (يسار) خلال مسيرة لتكريم ضحايا الإرهاب في بروكسل أمس (أ.ف.ب)
المفوض الأوروبي للأمن جوليان كينغ (يسار) خلال مسيرة لتكريم ضحايا الإرهاب في بروكسل أمس (أ.ف.ب)
TT

توصيات أوروبية جديدة لتعزيز حماية المدن من الإرهاب

المفوض الأوروبي للأمن جوليان كينغ (يسار) خلال مسيرة لتكريم ضحايا الإرهاب في بروكسل أمس (أ.ف.ب)
المفوض الأوروبي للأمن جوليان كينغ (يسار) خلال مسيرة لتكريم ضحايا الإرهاب في بروكسل أمس (أ.ف.ب)

اعتمدت المفوضية الأوروبية ببروكسل، أمس، تقريرها الحادي عشر حول الاتحاد الأمني وتضمن مجموعة من التدابير لتحسين حماية المواطنين ومدن الاتحاد الأوروبي من التهديدات الإرهابية.
وأعلنت المفوضية في هذا الإطار تخصيص نحو 120 مليون يورو (نحو 141 مليون دولار) لمساعدة الدول الأوروبية على حماية الأماكن العامة في مدنها، التي باتت عرضة أكثر فأكثر لهجمات الإرهابيين. ونصت خطة العمل التي قدمت في بروكسل على تخصيص 18.5 مليون يورو بداية من 2017 لـ«مشاريع عبر الدول تحسن حماية الفضاءات العامة»، ومائة مليون يورو في 2018 لمساعدة «المدن التي تستثمر في حلول أمنية».
وقال المفوض الأوروبي المكلف بملف الأمن، جوليان كينغ: لا يمكن القول إنه لا توجد أي مخاطر، لكن يمكن أن نفعل المزيد من أجل جعل مهمة الإرهابيين صعبة، والعمل على وقف الهجمات، وهي كلها أمور تضمنها التقرير الجديد للمفوضية»، الذي جرى اعتماده أمس.
وشدد كينغ على أن «الأمن كان ولا يزال في مقدمة أولويات عمل الجهاز التنفيذي للاتحاد منذ بداية عمل المفوضية الحالية في 2014، وحتى الآن. وهو الأمر الذي أكد عليه رئيس المفوضية جان كلود يونكر في خطاب حالة الاتحاد أمام البرلمان الأوروبي قبل أيام».
وأضاف كينغ، أن التقرير راعى الدروس المستفادة من الهجمات الأخيرة، التي وقعت في مدن أوروبية عدة خلال الأشهر الماضية بسبب أخطاء أو تقصير؛ ولهذا تضمنت التدابير الجديدة إجراءات لزيادة القدرات الأمنية، وتحسين العمل المشترك على المستويين الداخلي والدولي.
ولمح المسؤول الأوروبي إلى أنه رغم اتخاذ تدابير أوروبية عدة لمكافحة الإرهاب في السنوات الأخيرة، فإن هجمات نجحت في استهداف أماكن عامة بعمليات دهس، مثلما حدث في برلين ولندن واستوكهولم وبرشلونة، أو بطرق أخرى شهدتها مدن أوروبية مختلفة وشملت الطعن والذبح وإطلاق النار. واتضح للجميع، أن الإرهاب يستهدف الأماكن العامة، مثل الميادين والنوادي وصالات الاحتفالات وغيرها.
وبالنسبة لـ«تعقيد مهمة» الإرهابيين، قال المسول الأوروبي: إن «عددا من الهجمات الأخيرة استخدمت فيها متفجرات مصنوعة يدويا في المنزل؛ ولهذا حرصنا في التدابير الجديدة على تصعيب فرص الحصول على المواد التي تستخدم في تصنيع المتفجرات».
وتشمل الإجراءات التي اقترحتها المفوضية في مجال مكافحة الإرهاب، أمس، أيضا على أحداث «قطب للمعارف» حول أمن «المواد الكيميائية والبيولوجية والإشعاعية والنووية، وذلك ضمن الشرطة الأوروبية (يوروبول)». وقال كينغ، إنه في الوقت الذي لا توجد فيه حتى الآن أي معلومات تشير إلى قرب حدوث أي هجمات باستخدام أسلحة من هذا النوع: «إلا أنه يجب أن نكون على استعداد لكل الاحتمالات، ومواجهة أي مخاطر وتضييق الخناق على وصول الإرهابيين إلى مثل هذه الأسلحة».
وقال كينغ في المؤتمر الصحافي: إن تحسين التعاون مع الدول الجارة والشريكة أمر ضروري لمكافحة الإرهاب؛ ولهذا سيكون هناك عمل على إنجاز اتفاقيات قوية لتعزيز التعاون مع دول عدة، منها المغرب، والجزائر، وتونس، ومصر، وإسرائيل، وتركيا، وتونس، ولبنان والأردن.
واختتم المسؤول الأوروبي بالقول: إن «الأخبار الجيدة الواردة من سوريا والعراق حول هزائم (داعش) الإرهابي، لا يجب أن تجعلنا نسعد بها ونظن أن الإرهاب انتهى أبدا»، واستطرد: «(داعش) والإرهاب سيبحثون عن أشكال جديدة وطرق أخرى؛ ولهذا لا بد أن نستعد لكل الاحتمالات وكل المخاطر».
وانضم المفوض إثر ذلك إلى مسيرة تكريما لضحايا الإرهاب ضمت نحو 150 شخصا أمام المقار الأوروبية، حمل كل منهم وردة بيضاء في اليد. وتشكل الجمع أساسا من ممثلي أجهزة الإنقاذ الأوروبية المجتمعين منذ الاثنين في بروكسل، ببادرة من منظمة «أوروبين أميرجنسي نومبر اسوسييشن» غير الحكومية، لبحث تحسين الإعلام الموجه للجمهور في حال حدوث اعتداء أو كارثة طبيعية.
من جانبه، قال فرانس تيمرمانس، نائب رئيس المفوضية: إن «الإجراءات الجديدة ستساعد الدول الأعضاء وتحرم الإرهابيين من الوسائل التي كانت متوافرة لهم لتنفيذ أعمالهم الإجرامية، كما ستساهم تلك الإجراءات في حماية الأماكن العامة، وبالتالي ستنعكس على طريقتنا في الحياة».
بدوره، قال مفوض الشؤون الداخلية ديمتري أفراموبولوس: إن «الإرهاب لا حدود له، ولن تتم محاربته بفاعلية إلا بالعمل المشترك. سواء داخل الاتحاد الأوروبي، أو مع الشركاء على المستوى العالمي». «
وفي منتصف سبتمبر (أيلول) الماضي، بدأ عمل أول لجنة مكلفة بملف مكافحة الإرهاب في البرلمان الأوروبي، وتضم 30 عضوا. وكان البرلمان الأوروبي قد أقرّ إنشاء هذه اللجنة خلال جلسة علنية في 6 يوليو (تموز) الماضي، وحدد لها مدة عمل لعام واحد قابل للتجديد؛ وذلك نزولا عند رغبة من البرلمانيين الأوروبيين بالاضطلاع بدور أكبر في العمل المؤسساتي الأوروبي الرامي لمحاربة الإرهاب.
وتعمل اللجنة على «تقييم التهديد الإرهابي على التراب الأوروبي، والإبلاغ عن مواطن الخلل في الإجراءات المطبقة من قبل الدول الأعضاء، كما ستضطلع بمهمة اقتراح الحلول للمشاكل التي يتم اكتشافها»، حسب البيان البرلماني. وستقوم اللجنة بتقييم الإجراءات المتبعة من أجل إدارة الحدود الخارجية للاتحاد، وتحديد مواطن الخلل في عمليات تبادل المعلومات الأمنية والاستخباراتية بين الدول الأعضاء.
كما سيعاين الأعضاء مدى توافق قواعد البيانات المختلفة الموجودة في دول الاتحاد الأوروبي، ويدققون في مدى فاعليتها في عمليات تبادل المعلومات. ومن المقرر أن تقوم اللجنة كذلك بدراسة آثار التشريعات الأوروبية المعمول بها لمحاربة الإرهاب على الحريات الأساسية للمواطنين. كما ستعمل على معاينة البرامج كافة المتبعة في دول الاتحاد من أجل معالجة ظاهرة التطرف، وكذلك الإجراءات المتعلقة بمحاربة تمويل الإرهاب وغسل الأموال، والمنظمات التي تتبنى نظريات متطرفة.
وسيقوم أعضاء اللجنة بزيارات ميدانية للتأكد من فاعلية الإجراءات الأمنية المتخذة في الدول الأعضاء من أجل حماية الأماكن الاستراتيجية والبنى التحتية المهمة، مثل المطارات ومحطات القطارات.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».