«إصابة الجولاني» تُربك «النصرة» في شمال سوريا

TT

«إصابة الجولاني» تُربك «النصرة» في شمال سوريا

عكس إعلان وزارة الدفاع الروسية عن إصابة قائد «جبهة النصرة» أبو محمد الجولاني حالة من الإرباك في الشمال السوري، حيث تضاربت المعلومات بين تأكيد الخبر، والتشكيك بصحته. وفي حين أكدت مصادر في «هيئة تحرير الشام» التي تسلّم الجولاني قيادتها قبل يومين، أنه بصحة جيدة (وأصدرت نفياً رسمياً مساء أمس)، رجّحت مصادر في «الجيش الحر» في إدلب استهداف قائد «النصرة» وإصابته، لافتةً إلى أن المنطقة التي تعرضت للقصف تخضع لسيطرة الجبهة ويعقد فيها قياديوها اجتماعات دورية.
في المقابل، وصف مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن في تصريح لـ«الشرق الأوسط» الخبر بـ«الدعاية الإعلامية إلى أن يثبت العكس»، وهو ما وافقه فيه الخبير في الجماعات المتطرفة عبد الرحمن الحاج.
وقالت مصادر «الحر» لـ«الشرق الأوسط» إن «الأنباء المتداولة في إدلب تؤكد صحة الخبر (الروسي)، إنما ومن خلال تواصلنا مع قيادات في (النصرة)، كانت المعلومات الأولية تشير إلى إصابته في قدمه»، علماً بأن الإعلان الروسي تحدث عن إصابته في يده.
وأوضحت مصادر «الحر» أن «المكان الذي أعلن عن استهدافه هو في منطقة ريف المهندسين في ريف حلب الغربي وهو يخضع لسيطرة (النصرة)، ولا يوجد فيه مدنيون»، مضيفةً أن خبر إصابة الجولاني «زاد من الإرباك الذي تعاني منه هيئة تحرير الشام منذ أكثر من شهرين في ظل الحديث عن عملية مرتقبة ضدّها في إدلب، وانهيارها نتيجة الانشقاقات المتتالية في صفوفها، إن من القياديين أو الفصائل التي تتشكل منها، وهذه الانشقاقات هي التي أدت قبل أيام إلى تعيين الجولاني قائداً عاماً لها بدلاً عن هاشم الشيخ (أبو جابر)».
وفي حين لفت عبد الرحمن الحاج إلى «توتّر الأجواء في إدلب نظراً إلى عدم وجود معلومة حاسمة بشأن مصير الجولاني، وهو ما يتطلب من (النصرة) الإسراع في إظهاره إعلاميّاً»، قال لـ«الشرق الأوسط»: «لا يمكن حتى الآن الجزم بإصابة الجولاني أو نفي ذلك. كل شيء محتمل لكن في ظل معلومات غير مؤكدة وبناء على تجارب سابقة مع الأخبار الروسية يمكن التشكيك بمزاعم موسكو حتى إثبات العكس». وأضاف: «إعلان الروس عن إصابة الجولاني بعد استهدافه من قبل طيرانهم يأتي في سياق حرب إعلامية أكثر من أن يكون مبنياً على وقائع فعلية»، موضحاً: «رأينا قبل ذلك كيف ادعى الروس وأكدوا مقتل أبو بكر البغدادي (زعيم داعش) وتبيّن عدم صحة الخبر، وهو ما يمكن أن يتكرر اليوم مع خبر إصابة الجولاني».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».