برلمان كردستان يرفض مطالب بغداد بتسليم المعابر... ودعوة بريطانية للحوار

حكومة الإقليم تمتنع عن استقبال أي عناصر أمنية أو عسكرية من بغداد للإشراف على مطاريها

رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي لدى وصوله إلى مقر البرلمان العراقي في بغداد (أ.ب)
رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي لدى وصوله إلى مقر البرلمان العراقي في بغداد (أ.ب)
TT

برلمان كردستان يرفض مطالب بغداد بتسليم المعابر... ودعوة بريطانية للحوار

رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي لدى وصوله إلى مقر البرلمان العراقي في بغداد (أ.ب)
رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي لدى وصوله إلى مقر البرلمان العراقي في بغداد (أ.ب)

رفض برلمان كردستان في جلسة طارئة أمس، 12 مطلباً من مجلس النواب العراقي، من بينها تسليم المعابر الحدودية والمنافذ الجوية، كما رفضت حكومة الإقليم من جانبها، استقبال أي عناصر أمنية أو عسكرية من بغداد للإشراف على مطاريها. في المقابل أشارت أنباء إلى أن تركيا وإيران منحتا ضوءاً أخضر لوجود عسكري عراقي على أراضيهما، غير أنه لم يتم التأكيد من صحة هذا الخبر من جهة رسمية. وأشارت التقارير إلى أن القوات العراقية قد تفرض سيطرتها على المعابر مع الإقليم من الجانبين التركي والإيراني، لكن دون توقعات حتى الآن بأن تدخل القوات العراقية أراضي كردستان.
وأمام نواب برلمان كردستان، أكد وزير النقل والمواصلات في الإقليم توقف جميع الرحلات الجوية من وإلى مطاري أربيل والسليمانية، واصفاً إجراء حكومة بغداد بالعقاب السياسي، وأن كردستان لن تسمح لأي شخص بأن يدير شؤون المطارات. وقال مولود باومراد، إن «قرارات الحكومة العراقية، ليس لها أي أساس قانوني ولا تستند إلى اتفاقيات الطيران المدني»، واصفاً القرارات بأنها «عقاب سياسي». وأضاف: «من المعروف أن المتضرر الأول من تلك القرارات، هم المواطنون وشركات الطيران، وهي عقاب جماعي».
وعن وجود موظفين تابعين للحكومة العراقية في مطاري أربيل والسليمانية، قال باومراد: «لن نسمح أبداً بوجود شخص واحد لهذا الغرض، ونحن ندير المطارات، وبتنسيق كامل مع سلطة الطيران المدني العراقي، ولن نسلم إرادتنا لأحد». ونفت قوات الأسايش (الأمن الكردي) في معبر إبراهيم الخليل الحدودي بين إقليم كردستان وتركيا، الأنباء التي أشارت إلى نشر الحكومة العراقية موظفين أو ضباط على المعبر. وقال مدير الأسايش في معبر إبراهيم الخليل، عبد الوهاب محمد لـ«الشرق الأوسط»: «الوضع طبيعي في المعبر ولم تحدث أي تغييرات، لم يصل أي موظفين عراقيين أو عسكريين إلى المنفذ، ولم نتلقَ أي خطاب بذلك، ولم نرَ شيئاً من هذا القبيل، ولم يبلغنا الجانب التركي أيضاً بشيء كهذا».
وبحسب مصادر عراقية مطلعة، تسعى بغداد من خلال الاتفاق مع أنقرة وطهران لنشر موظفين من هيئة المنافذ الحدودية الاتحادية داخل الأراضي التركية والإيرانية بمحاذاة المعابر الموجودة بين الإقليم وهاتين الدولتين.
وقرر مجلس الوزراء العراقي في جلسته التي عقدها في 26 سبتمبر (أيلول) الماضي، عقب يوم واحد من الاستفتاء، إخضاع كل المعابر الحدودية البرية التي تربط العراق بدول الجوار عن طريق إقليم كردستان لإشراف ورقابة هيئة المعابر الحدودية الاتحادية، وغلق كل المعابر الحدودية البرية غير الرسمية التي تستخدم للعبور بين الإقليم ودول الجوار، وإيقاف كل الرحلات الجوية الدولية من وإلى مطاري أربيل والسليمانية في الإقليم، وقد دخل هذا القرار حيز التنفيذ منذ مساء أول من أمس، بينما ما زالت المنافذ خاضعة لسلطة حكومة الإقليم التي رفضت من جهتها تسليم هذه المنافذ.
وطالب رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي خلال استضافته في مجلس النواب العراقي الأربعاء الماضي، مجلس النواب، بإلغاء نتائج الاستفتاء في كردستان، وفرض القانون العراقي على الإقليم، بينما صوّت البرلمان على 12 قانوناً لمعاقبة الإقليم غالبيتها عقوبات اقتصادية، من بينها إيقاف الرحلات الجوية الدولية من وإلى كردستان، والسيطرة على المنافذ الحدودية وغلق المنافذ الحدودية التي تقع خارج سيطرة السلطات الاتحادية واعتبار البضائع التي تدخل منها بضائع مهربة. وطلب النواب من العبادي إصدار أوامر للقوات الأمنية بالعودة والانتشار في جميع المناطق المتنازع عليها بين أربيل وبغداد ومن ضمنها كركوك.
وبحسب معلومات «الشرق الأوسط» عرضت عدة دول الوساطة بين أربيل وبغداد لبدء مرحلة جديدة من الحوار الجاد لحل المشكلات العالقة بين الجانبين. وكشفت رئاسة إقليم كردستان أمس، عن تسلم الرئيس مسعود بارزاني رسالة من وزير الدفاع البريطاني مايكل فالن يحث فيها كردستان على التفاوض. وجاء في الرسالة: «الآن وبعد أن أُجري الاستفتاء في الإقليم، أطلب منكم البدء بمفاوضات بناءة مع بغداد ودول الجوار للوصول إلى حل يرضي كل الأطراف بهدوء».
وأوفدت بغداد، أمس، رئيس أركان الجيش الفريق الركن عثمان الغانمي إلى طهران، أمس، «لتنسيق الجهود والتعاون العسكري»، بحسب بيان لوزارة الدفاع. والتقى الغانمي، فور وصوله، نظيره الإيراني اللواء محمد باقري، و«شكر إيران على دعمها العسكري المستمر»، بحسب وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني. ونقلت الوكالة عن الغانمي قوله: «إننا مقتنعون بأن إيران ستستمر في دعمها للعراق حتى النهاية». وسلم رسالة من رئيس العبادي إلى الرئيس الإيراني حسن روحاني.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».