وزير مصري يقر بوجود خلافات أساسية مع إثيوبيا حول «سد النهضة»

المتحدث باسم الخارجية: القاهرة ملتزمة بتعهداتها وتنتظر موقفاً مماثلاً من أديس أبابا

TT

وزير مصري يقر بوجود خلافات أساسية مع إثيوبيا حول «سد النهضة»

أقر الدكتور محمد عبد العاطي، وزير الموارد المائية المصري، بوجود خلافات فنية مع إثيوبيا في بعض الأمور الأساسية حول «سد النهضة»، الذي تبنيه الأخيرة على أحد الروافد الرئيسية لنهر النيل، وتقول القاهرة إنه سيؤثر على حصتها السنوية من المياه، التي تبلغ 55.5 مليار متر مكعب.
وبينما شدد الوزير على ضرورة التوافق بين دول حوض النيل الثلاث (مصر وإثيوبيا والسودان)، على طريقة تشغيل وملء السد حتى يتم التخفيف من آثاره على مصر. قال المستشار أحمد أبو زيد، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، لـ«الشرق الأوسط»، إن «مشاورات جارية الآن في الأروقة المصرية حول نتائج المسار التفاوضي وأسباب الخلاف».
وأكد أبو زيد، أن «الاستراتيجية المصرية واضحة في هذا الشأن، وهي الالتزام باتفاق المبادئ الموقع مع إثيوبيا، الذي ينص على حق أديس أبابا في التنمية مع عدم الإضرار بالحقوق المصرية التاريخية في مياه نهر النيل»، مضيفا أن القاهرة تنتظر من أديس أبابا موقفا مماثلا.
ووقعت الدول الثلاث على إعلان مبادئ عام 2015 اشتمل على حماية مصالح دولتي المصب مصر والسودان عند ملء خزان السد. كما وقعت العام الماضي عقودا مع مكتب استشاري فرنسي لإجراء دراسات فنية على السد، لدراسة مدى تأثيره على دولتي المصب (مصر والسودان).
وتنص العقود على إتمام الدراسات، في 11 شهرا، غير أن المدة انتهت بالفعل الشهر الماضي، دون تحقيق أي شيء ملموس.
وقال الوزير عبد العاطي، في تصريحات لوكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية من بيروت، حيث يشارك في مؤتمر حول التغيرات المناخية، إن «تأثير بناء سد النهضة في إثيوبيا لم يظهر بعد على مصر، لأن تدفق المياه إلى مصر ما زال مثل الأعوام الماضية ولم يتم حتى الآن بدء ملء السد... لكن من المحتمل أن يتم بدء ملء جزء من السد العام المقبل».
وأضاف: «يمكن التقليل من تأثير بناء السد على مصر في حال وجود توافق بين مصر وإثيوبيا والسودان على أسلوب الملء والتشغيل والإدارة أثناء الفيضان وأثناء الجفاف عندها سيكون مثل جميع السدود التي تم إنشاؤها بتوافق بين الدول وليس لها أي مشكلات». وأكد الوزير التزام مصر التام بكل الاتفاقات التي تم إبرامها وتطبيق روح الاتفاق.
وقال إن «هناك اجتماعا للجنة الفنية المشتركة بين مصر وإثيوبيا بعد اجتماعها الأسبوع الماضي». وأوضح أن هناك خلافات فنية على بعض الأمور الأساسية في اللجنة، وأنه من المفترض أن تكون هناك جولة نقاش على مستوى أعلى من الفنيين، معربا عن الأمل في حل تلك المشكلات.
وأكد عبد العاطي ضرورة أن يتم إنشاء السدود بالاتفاق بين الدول، لأن أي سد يمكن أن يكون تأثيره جسيما أو بسيطا، مستشهدا في هذا السياق بمجموعة السدود التي تم إنشاؤها بالاتفاق بين مصر وبعض دول حوض النيل ولم تحدث نتيجتها أي مشكلات.
وحول إعلانه أن مصر دخلت مرحلة الندرة المائية، أرجع وزير الموارد المائية السبب في ذلك إلى الزيادة السكانية وزيادة الاستهلاك وثبات كمية المياه، فأصبحت كمية المياه المتاحة تتوزع بين عدد أكبر، فعندها قل نصيب الفرد. وشدد وزير الري على ضرورة وضع حلول غير تقليدية لمجابهة مشكلة الندرة المائية التي تعاني منها مصر، من بينها الترشيد في الموارد المائية عن طريق تقليل الفواقد في مياه الشرب والزراعة وتحسين كفاءة الري وإعادة استخدام المياه أكثر من مرة وإدخال محاصيل أقل استهلاكا للمياه، مع إيجاد موارد مائية جديدة. وكانت مصر قد أعلنت أن الاجتماع الأخير للجان الفنية للدول الثلاث، الذي جرى في الخرطوم مؤخرا، توقف بعد الاختلاف حول بعض العناصر الواردة في التقرير الاستهلالي الذي أعده المكتب الاستشاري، والذي يحدد منهجية عمل المكتب في إعداد الدراسة التي سيعدها حول آثار السد. وإلى الآن لم يتحدد بعد الاجتماع المقبل، كما أن هناك خلافا حول مستوى الوفود. وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قد أشار إلى الأزمة في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الأسبوع الماضي، حيث أكد التزام مصر بالقانون الدولي في تداولها قضية السد وفقا لمبادئ حسن النية والثقة.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.