والدة المخرج دويري: زياد عروبي وضد التطبيع

القضاء العسكري اللبناني أخلى سبيله على خلفية تصوير فيلم في إسرائيل

المخرج زياد دويري
المخرج زياد دويري
TT

والدة المخرج دويري: زياد عروبي وضد التطبيع

المخرج زياد دويري
المخرج زياد دويري

«ابني وطني، وعروبي، عروبي، عروبي». كرّرتها والدة المخرج زياد دويري ومحاميته وفيقة منصور في حديث مع «الشرق الأوسط» أمس، بعد انتهاء التحقيق معه في المحكمة العسكرية، واستعادته لجوازي السفر الخاصين به اللبناني والفرنسي. وأضافت: «زياد ضد التطبيع ومع القضية الفلسطينية، وفيلمه (الصدمة)، صوّره في إسرائيل بنية فضح ما يفعلونه بحق الفلسطينيين. وأود أن أسأل إذن، هل الشخص الذي يقوم بعملية في إسرائيل ويفجر نفسه في إسرائيل، يسمّى مقاوماً أو مطبعاً؟ زياد ذهب في عمليه كشف ممارسات إسرائيل، بدليل أنّهم انزعجوا من الفيلم، ومنهم من استغرب كيف سُمح له بالتصوير هناك، وهو يشوّه صورتهم؟»
زياد دويري مخرج لبناني معروف، حصل فيلمه الجديد «القضية رقم 23» الذي تبدأ عروضه في لبنان يوم 14 من الشهر الحالي، على جائزة أفضل ممثل، منحت للفلسطيني كامل الباشا في «مهرجان البندقية» منذ أيام. لم تكتمل فرحة دويري، فعند وصوله مساء الأحد إلى مطار «رفيق الحريري الدولي» في بيروت، أوقف للتحقيق معه على مدى ساعتين، وطلب منه الذهاب إلى المحكمة العسكرية صباح اليوم التالي (أمس)، حيث استجوب من قبل القاضي صقر صقر. أمّا السبب فهو، أنّ دويري كان قد ذهب إلى إسرائيل بين عامي 2011 و2012 وأقام هناك 11 شهراً لتصوير فيلمه «الصدمة»، وهو ما يمنعه القانون اللبناني الذي يعتبر إسرائيل دولة معادية. حيث إن هذا الفيلم منع عرضه في لبنان وعدد من الدول العربية، في حينه. وإذ تردّد أنّ سبب التحقيق هو فيلمه الجديد «القضية رقم 23»، إلا أن الاستجواب كان يتعلق بزيارته لإسرائيل وإقامته هناك.
وتسأل والدة دويري ومحاميته وفيقة منصور: «لماذا تتذكرون الآن، هو كان موجوداً في لبنان من قبل، ولم يستدعه أحد. هذه قصة عمرها خمس سنوات. التوقيت يظهر أنّ الذين افتعلوا هذه القضية منزعجون من النجاح العالمي الذي حققه زياد ولا يحتملونه، وهم على أي حال لا يستحقون الرّد، لأنّهم مجرد فقاقيع».
وتتحدث منصور عن «حقد وحسد وغيرة، دفعت البعض لتقديم شكاوى في هذا الوقت بالذات». والتحقيق الذي فتح له علاقة - حسب منصور - «بالأجواء الثقافية والفنية، وليس موقفاً سياسياً» مشيدة بالتعامل المهذّب جداً الذي لقيه دويري سواء من جهاز الأمن العام في المطار أو في المحكمة العسكرية، قائلة: «كانوا على أعلى درجات الرقي واللياقة والقانونية». وأكدت منصور أنّ ابنها استعاد جوازي السفر، وأنّ القضية انتهت بعد أن تبيّن أنه «لا نية جرمية، ولذلك ردّت القضية وأغلق الملف»، شارحة أنّه «لو كان في سلوك زياد أي أمر يتعلق بالأمن أو الكيان الوطني، لما أخلي سبيله، خصوصاً أنّ فيلم الصدمة قد تمت مراقبته من قبل الأمن العام اللبناني، ولم يعترضوا حتى على جملة واحدة فيه». وترجّح منصور أنّ الفيلم مُنع بسبب الأحداث الأمنية السيئة في لبنان حينها، وأنّ الدولة كانت تفضل تفادي المشكلات وليس لأن الفيلم يستحق المنع.
ورداً على استفسار حول الرأي القانوني في ذهاب دويري إلى إسرائيل والإقامة في تل أبيب شهوراً ودفعه ضرائب هناك؟ أجابت: «كان زياد قد تقدم حينها بطلب رسمي يقول فيه إنّه يصور فيلماً عن القضية الفلسطينية وإنّ التصوير سيجري على أرض الواقع. فأين تكون أرض الواقع، في مثل هذه الحال؟ هل هي تومبكتو؟ وذيّل الرسالة حينها بعبارة: (ننتظر توجيهاتكم). وانتظر شهرين ولم يأت الجواب. ممّا يُفهم على أنّه موافقة».
أمّا عن الإنفاق والضرائب التي دُفعت في إسرائيل فتقول: «كان مخرجاً وليس منتجاً. الذين دفعوا هم الفرنسيون، ولا علاقة له بذلك». فيلم زياد دويري الجديد «قضية رقم 23» (The Insult) الذي أتى إلى لبنان لحضور افتتاحه، تجري أحداثه في أحد أحياء بيروت، حيث تحصل مشادة بين طوني مسيحي لبناني، وياسر لاجئ فلسطيني، وتأخذ الشتيمة أبعاداً أكبر من حجمها، ممّا يقود الرجلين إلى مواجهة في المحكمة. وفيما تنكأ وقائع المحاكمة جراح الرجلين وتكشف الصدمات التي تعرضا لها، يؤدي التضخيم الإعلامي للقضية إلى وضع لبنان على شفير انفجار اجتماعي، ممّا يدفع بطوني وياسر إلى إعادة النظر في أفكارهما المسبقة ومسيرة حياتهما.
كتب دويري الفيلم مع زوجته جويل توما. ومن المفارقة أنّ المحكمة موجودة بفيلم دويري كمن لاحقته في واقعه. كما أنّه كان يدرك أنّه يعالج قضية حساسة وسبق له وقال: «قد يثير الفيلم بعض الجدل»، فهو «لا يطرح مسألة محسومة سلفاً، بل يدفع إلى التفكير». وأضاف: «ما يهمني أن يحضر الناس الفيلم، ولا مشكلة إذا شجع الفيلم النقاش. حق الناس أن يحبوه أو لا يحبوه. كما في أفلامي، قد يحبها بعضهم، وقد يقوم البعض الآخر ضدها، وقد يطرح آخرون أسئلة. هذا جزء من مسؤولية المخرج، إذ عليه أن يتقبل كل الآراء، ويكون مستعداً لها». ويتابع: «جويل وأنا كتبنا ما في عقلينا. لا يمكن أن نقوم برقابة ذاتية سلفاً. لا يجوز أن نبتر القصة قبل أن تولد لأنّها مسألة حساسة سياسياً».
أما والدة دويري وفيقة منصور فتقول: «الأيام قادمة وسنتكلم أكثر، أمّا الشتّامون فلن نجيبهم. نحن نتقبل الانتقاد بروح طيبة؛ لكن ما يكتبونه وصل حداً نفضل عدم الرد عليه، وهم قلة قليلة على أي حال. نقول مرة أخرى، إنّنا ضد التطبيع وقد تظاهرت واحتجيت قبل أن يكون كل هؤلاء هنا، لذا فلا يزايد أحد علينا».
جدير ذكره أنّ المواقف منقسمة في لبنان بالوسط الثقافي، كما في الوسط السياسي، وإذا كان ثمة من اعترض لأن دويري لم يحاكم بالفعل وطويت قضيته، فإن القوات اللبنانية مثلاً كان لها رأي آخر، إذ اعتبرت أنّ «الحملة المسعورة تزامنت مع إطلاق فيلم دويري الجديد، وهذا التزامن ليس وليد الصدفة ولا علاقة له بفيلمه السابق (الصدمة) الذي صوّرت أجزاء منه في إسرائيل، إنّما النيل من فيلمه الجديد الذي يشرح فيه الحرب اللبنانية بكل موضوعية وواقعية، بعيداً عن قوى الظلام والظلامية وأدبياتها الخنفشارية ومصطلحاتها الرجعية التي تبدأ بالعمالة ولا تنتهي بالشيطنة».


مقالات ذات صلة

اختتام «البحر الأحمر السينمائي» بحفل استثنائي

يوميات الشرق جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)

اختتام «البحر الأحمر السينمائي» بحفل استثنائي

بحفل استثنائي في قلب جدة التاريخية ، اختم مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي» فعاليات دورته الرابعة، حيث أُعلن عن الفائزين بجوائز «اليُسر». وشهد الحفل تكريمَ

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق ياسمين عبد العزيز في كواليس أحدث أفلامها «زوجة رجل مش مهم» (إنستغرام)

«زوجة رجل مش مهم» يُعيد ياسمين عبد العزيز إلى السينما

تعود الفنانة المصرية ياسمين عبد العزيز للسينما بعد غياب 6 سنوات عبر الفيلم الكوميدي «زوجة رجل مش مهم».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق رئيسة «مؤسّسة البحر الأحمر السينمائي» جمانا الراشد فخورة بما يتحقّق (غيتي)

ختام استثنائي لـ«البحر الأحمر»... وفيولا ديفيس وبريانكا شوبرا مُكرَّمتان

يتطلّع مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» لمواصلة رحلته في دعم الأصوات الإبداعية وإبراز المملكة وجهةً سينمائيةً عالميةً. بهذا الإصرار، ختم فعالياته.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
سينما «من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة

محمد رُضا‬ (سانتا باربرا - كاليفورنيا)

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.