يتوجه الناخبون في النرويج ابتداء من اليوم الأحد إلى صناديق الاقتراع، مع اشتداد حدة المنافسة في الانتخابات العامة، حيث تشير استطلاعات الرأي إلى أن العديد من الأحزاب الصغيرة اقتربت من الحصول على الحد الأدنى الذي يمكنها من دخول البرلمان.
وأشار استطلاع للرأي أجرته مجموعة «كنتار تي إن إس» لأبحاث السوق لصالح محطة «تي في2» التلفزيونية قبل أسبوع من إجراء الانتخابات، إلى أن أحزاب يمين الوسط الأربعة تحرز تقدما على طريق الفوز بـ87 مقعدا، وهي تكفي للحصول على الأغلبية البرلمانية، على الرغم من أنها تقل بتسعة مقاعد عما حققته في انتخابات عام 2013.
غير أن استطلاعا آخر للرأي نشرته يوم الثلاثاء صحيفة «في جي» أشار إلى أن المعارضة التي تميل إلى تيار اليسار، حققت تقدما، بحيث يتوقع أن تفوز بـ86 مقعدا بفارق ضئيل عن أحزاب يمين الوسط. ولتحقيق الأغلبية البرلمانية يجب الحصول على 85 مقعدا على الأقل في الانتخابات.
وقال يوهانس بيرغ، أستاذ العلوم السياسية بمعهد البحوث الاجتماعية بأوسلو، لوكالة الأنباء الألمانية، إن «حزب العمال يواجه المصير نفسه الذي لاقته الأحزاب الاشتراكية الديمقراطية في أوروبا»، ويتطلع الناخبون إلى تلقي رسالة أكثر وضوحا تفيد بحدوث تغيير حقيقي، بدلا من الرسالة التقليدية للاشتراكيين الديمقراطيين. وأضاف أن الأحزاب الأصغر التي حققت تقدما في الاستطلاعات تشمل حزب الوسط، الذي يدافع عن القضايا المحلية. وحقق حزب الخضر تقدما في الاستطلاعات، وهو يريد أن تغلق النرويج بالتدريج صناعة النفط والغاز، كما يعارض الحزب التنقيب عن البترول في جزر لوفوتن الشمالية.
وتقود رئيسة الوزراء الحالية إرنا سولبرغ، وهي زعيمة حزب المحافظين الذي يقف على يمين الوسط، حكومة أقلية ائتلافية تميل إلى تيار اليمين، بمساندة حزب التقدم اليميني ذي الاتجاه الشعبوي. واعتمدت حكومتها على مساندة حزبين ينتميان إلى تيار الوسط، وهما الحزب الليبرالي والحزب المسيحي الديمقراطي، وعلى الرغم من مساندة هذين الحزبين للحكومة، فإنهما اختارا عدم الانضمام إلى الحكومة الائتلافية الحالية، بسبب الخلافات مع حزب التقدم خصوصا فيما يتعلق بسياسات الهجرة. ولم يشارك حزب التقدم المناهض للهجرة في الحكم من قبل.
وتسعى سولبرغ للحصول على فترة جديدة في رئاسة الحكومة، وتضمن برنامجها الانتخابي وعودا بتوفير مزيد من فرص العمل، وتحسين الخدمات الاجتماعية مثل تقليص طوابير الانتظار في قطاع الرعاية الصحية، وزيادة الإنفاق في قطاعي الدفاع والشرطة.
ويعد مصير الأحزاب الصغيرة أمرا جوهريا على طريق تشكيل الحكومة النرويجية المقبلة، حيث تحتاج الأحزاب الرئيسية، التي تتنافس على تشكيل الحكومة، إلى تأييد الأحزاب الأصغر حجما.
ولا تزال هناك خلافات بين حزبي الوسط والتقدم، وأعلن كنوت أريلد هاريدي، زعيم الحزب المسيحي الديمقراطي، أن حزبه لن ينضم إلى أي حكومة تضم الشعبويين. وأعرب عن معارضته لآراء سيلفي ليستهاوج، وهي عضو في حزب التقدم ووزيرة الهجرة والاندماج، فيما يتعلق بالمهاجرين واللاجئين.
وفي الطريق إلى الانتخابات أشارت سولبرغ إلى اقتصاد النرويج، وقالت إنه في طريقه للتحسن بعد أن عانى من الانخفاض الحاد في أسعار النفط، وفقد قطاع النفط، الذي أسهم في تحويل هذه الدولة الإسكندنافية إلى واحدة من أغنى دول العالم، 50 ألف وظيفة خلال الفترة بين 2013 و2016. وأضافت سولبرغ أن خفض الضرائب واستخدام العائدات من صندوق الثروة السيادي، الذي تم تأسيسه عام 1996 بهدف استثمار إيرادات قطاعي النفط والغاز، أسهما في استقرار اقتصاد البلاد.
وتشير بعض استطلاعات الرأي إلى أن الليبراليين تراجعوا إلى أقل من نسبة 4 في المائة من إجمالي الأصوات، وهي النسبة التي يحتاجها أي حزب لدخول البرلمان. وقالت سولبرغ إنها ترغب في أن تشارك كل أحزاب يمين الوسط الأربعة في الحكومة المقبلة.
وأضافت، في مقابلة مع محطة «إن آر كيه» التلفزيونية، أنه «من المهم إدراك أنه بإمكان الأحزاب الأربعة التأثير على التطورات في النرويج، وأنها تعتمد على بعضها البعض».
أما منافسها الرئيسي على منصب رئيس الوزراء في الانتخابات فهو يوناس غاهر شتوري، زعيم حزب العمال، الذي قال إن النرويج أصبحت «أكثر برودة» من الناحية السياسية في ظل حكم سولبرغ.
ودافع شتوري عن زيادة الضرائب لدعم الخدمات الاجتماعية والمنظومة المدرسية، في الوقت الذي خفضت فيه الحكومة الضرائب بشكل أفاد الأغنياء، بينما زادت فجوة الدخول بين مختلف شرائح المجتمع النرويجي. غير أن الحملة الانتخابية لحزب العمال لم تسفر عن تحقيق نجاحات ملحوظة. وأشارت عدة استطلاعات إلى احتمال أن يحصل على أقل من نسبة 31 في المائة من إجمالي الأصوات، وهي النسبة التي حققها في انتخابات 2013. ومن ناحية الحكومة يعارض حزب الوسط أيضا أعمال التنقيب في الجزيرة.
وأعرب الزعيم العمالي شتوري عن ثقته بأن حزبه سيكون قادرا على حشد التأييد، وقال إنه حال تحقيق الفوز في الانتخابات، فسيدخل في شراكة مع حزب الوسط وحزب اليسار الاشتراكي، ودخلت الأحزاب الثلاثة في حكومة ائتلافية خلال الفترة من 2005 إلى 2013.
ومع ذلك، يمكن لحزب الخضر الذي استبعده شتوري كشريك محتمل في الائتلاف الحكومي أن يقرر مصير التوازن الحكومي المقبل، وقال زعيم الخضر راسموس هانسون، قبل أيام من إجراء الانتخابات، إن حزبه يمكن أن يساند إقرار موازنة الدولة في حالة ما إذا كانت ستسبب «أضرارا أقل للمناخ»، فاتحا الباب بذلك للمناورة.
الأحزاب الصغيرة تمسك بمفتاح الحكومة النرويجية المقبلة
«العمال» يواجه نفس مصير الأحزاب الاشتراكية الديمقراطية في أوروبا
الأحزاب الصغيرة تمسك بمفتاح الحكومة النرويجية المقبلة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة