لم يتبقَ سوى أسبوعين أمام الأكراد في العراق للإدلاء بأصواتهم في الاستفتاء الشعبي العام الذي سينظمه إقليم كردستان في 25 سبتمبر (أيلول) الحالي على الاستقلال وإعلان الدولة الكردستانية التي ينتظرها الكرد منذ أكثر من 100 عام، بينما يشهد الشارع الكردي نشاطات واسعة من قبل المواطنين دعماً للعملية التي يصفها الكرد بالتاريخية.
وشهدت مدينة أربيل، عاصمة إقليم كردستان، الليلة قبل الماضية، احتفالية واسعة شارك فيها عشرات الآلاف من الكرد وأبناء المكونات الدينية والعرقية في الإقليم، حيث اكتظ «شارع الإسكان» وسط المدينة بالمواطنين الذين زينوا قبل يوم الشارع بأعلام كردستان وبملصقات تحمل عبارات «نعم للاستفتاء» و«نعم للدولة الكردية»، وتخللت الاحتفالية أناشيد وطنية كردية.
وقال المواطن محمد عمر لـ«الشرق الأوسط»: «اجتمعنا نحن أبناء كل مكونات كردستان في شارع الإسكان لنقول بصوت عالٍ: نعم لدولة كردستان ونعم للاستفتاء. أنا أنتظر حلول يوم الاستفتاء لأدلي بصوتي وأضمن مستقبلنا». بدوره، تساءل المواطن كريم فرج عِبر: «كل الأمم التي تعيش على الأرض لديها دولة، لماذا نحن ليست لدينا دولة؟»، مشيراً إلى أن الكرد ومكونات كردستان ضحوا خلال السنوات الماضية دفاعاً عن العالم وكسروا شوكة «داعش»، وعلى العالم أن يحترم إرادة الشعب الكردي في الاستفتاء والاستقلال.
إلى ذلك، قال رئيس إقليم كردستان، مسعود بارزاني، في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي»: «كنا نعتقد أن الدستور العراقي سيجمعنا، لكن لم يحدث ذلك، خُرِقت معظم مواده، لذا نسعى إلى الاستقلال»، مضيفاً أن الوقت قد فات وكردستان لن تتفاوض مع بغداد حول الموازنة والمناصب، مؤكداً أن «الخلافات مع بغداد وصلت إلى طريق مسدودة والتفاوض معها سيقتصر على موضوع الاستفتاء». وشدد على أن الاستفتاء سيجري في موعده المحدد. وعن الموقف الكردي فيما إذا تعرضت مدينة كركوك لأي تهديد من قبل أي جهة، شدد بارزاني بالقول: «الكرد جميعهم مستعدون للدفاع عن كركوك أمام أي تهديد ومن قبل أي جهة أو مجموعة».
وتزامناً مع حديث رئيس الإقليم، قال مستشار مجلس أمن إقليم كردستان، مسرور بارزاني، أمس في مقابلة مع صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية: «لو نظرنا إلى تاريخنا، نرى أننا تعرضنا إلى الظلم على مدى التاريخ، والشعب الكردي كباقي شعوب العالم لديه الحق في تقرير مصيره»، مؤكداً أن الوقت مناسب للاستقلال.
من جهته، قال الأمين العام للحزب الاشتراكي الديمقراطي الكردستاني، محمد حاج محمود، خلال مشاركته في مناظرة عن استفتاء الاستقلال نُظمت في قضاء ميركسور التابع لمحافظة أربيل أمس: «الحكومة العراقية حاولت خلال السنوات الماضية وباستمرار تهميش الكرد، ولم تقبل بالشعب الكردي كشريك حقيقي»، مبيناً أن مواقف بغداد هي التي دفعت بشعب كردستان إلى أن يفكر بإجراء استفتاء الاستقلال.
واحتضنت أمس بلدة تلسقف في منطقة سهل نينوى شمال شرقي مدينة الموصل احتفالية واسعة أعلنت خلالها الأحزاب الكردية في محافظة نينوى عن انطلاقة الحملة الإعلامية لاستفتاء الاستقلال الذي شهد حضوراً لمكونات المنطقة من المسيحيين والكرد والعرب والتركمان والمكونات الأخرى. وقال الناشط المدني المسيحي، ناطق قرياقوس لـ«الشرق الأوسط»: «انطلاق الحملة في تلسقف يأتي بالتزامن مع الحملات الإعلامية في مدن كردستان الأخرى، وهي عامل معنوي لدعم عملية استفتاء الاستقلال، خصوصاً أننا جميعاً ماضون نحو التصويت بنعم في الاستفتاء وتقرير مصيرنا، المسيحيون بصورة خاصة سيصوتون بنعم للاستقلال، ومناطقنا هي مناطق كردستانية خارج إدارة الإقليم وستحتضن مناطقنا مراكز تصويت في يوم الاستفتاء».
في المقابل، أجمعت الأحزاب والكتل السياسية التركمانية العراقية أمس على رفضها إجراء الاستفتاء في كردستان وكركوك بشكل خاص، وأكدت أن التركمان سيقاطعون الاستفتاء ولن يعترفوا بنتائجه قطعاً. ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن النائب في البرلمان العراقي الاتحادي حسن توران، نائب رئيس الجبهة التركمانية، قوله للصحافيين عقب اجتماع لممثلي الأحزاب التركمانية في العراق، إن «ممثلي التركمان وأحزابهم في كركوك قرروا مقاطعة الاستفتاء وعدم الاعتراف بنتائجه كونه غير شرعي». وأضاف أن «جميع ممثلي التركمان بأحزابهم وتنوعهم أكدوا موقفاً واحداً، هو رفضهم إجراء الاستفتاء».
فيما أكد رئيس الجبهة التركمانية العراقية، النائب أرشد الصالحي، للصحافيين بمقر الجبهة وسط كركوك «رفض التركمان القاطع للاستفتاء والتمسك بوحدة العراق». وقال إن «التركمان سيقاطعون الاستفتاء الكردي، وإن كثيراً من الشعب الكردي سيقاطعون الاستفتاء الكردي». وأضاف أن «تقرير مصير كركوك لا يتم إلا بالتوافق بين مكوناتها دون أن يبنى على أساس فرض إرادة مكون واحد على المكونات الأخرى». وذكر رئيس الجبهة التركمانية أن «ممثلي الجبهة التركمانية العراقية وأحزاب تركمن إيلى والعدالة التركماني العراقي والقرار التركماني والحق التركماني، وحركة الوفاء التركمانية والاتحاد الإسلامي لتركمان العراق وتجمع القوميين التركمان، أكدوا جميعاً رفضهم الاستفتاء».
الشارع الكردي يتحمس لاستفتاء الاستقلال والتركمان يرفضونه
الشارع الكردي يتحمس لاستفتاء الاستقلال والتركمان يرفضونه
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة