المعارضة تفشل في توحيد وفدها إلى «جنيف»... واجتماعها ينتهي بيومه الأول

الهيئة تتمسك برحيل الأسد... ومنصة موسكو تطالب بـ«صمت إعلامي»

TT

المعارضة تفشل في توحيد وفدها إلى «جنيف»... واجتماعها ينتهي بيومه الأول

انتهت اجتماعات المعارضة في الرياض في يومها الأول وكان يفترض أن تمتد إلى يومين أو ثلاثة، من دون النجاح في تشكيل وفد موحد للمشاركة في مفاوضات جنيف. وتبادلت كل من «الهيئة العليا التفاوضية» و«منصة موسكو»، الاتهامات حول مسؤولية هذا الفشل، فيما بدا واضحا شبه التسليم بعدم القدرة على تذليل الخلافات القديمة الجديدة، ولا سيما تلك المتعلقة بالمرحلة الانتقالية ومصير رئيس النظام بشار الأسد، مع إدراك الجميع أهمية تذليل «حجة انقسام» المعارضة، آملين بالتوصل إليه في الفترة القليلة المتبقية قبل مفاوضات جنيف.
وفي حين حمّلت «الهيئة العليا التفاوضية» «منصة موسكو» مسؤولية فشل اجتماعات الرياض برفضها الإقرار بأي نص يشير إلى رحيل الأسد، ولفتت إلى التفاهم مع «منصة القاهرة»، اختصر المتحدث باسمها رياض نعسان آغا النتائج، بالقول لـ«الشرق الأوسط»: «وصلنا إلى تفاهمات من دون أن نصل إلى اتفاق»، بينما قال أحد مستشاريها يحيى العريضي: «الكرة اليوم باتت في ملعب الأمم المتحدة والمبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، وإذا تم التوصل إلى وفد واحد في وقت لاحق، فسيكون شكليا ليس أكثر».
وبحسب مصادر حضرت الاجتماعات تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، فإن منصة موسكو تتمسك بقرار مجلس الأمن 2254 كمرجعية وحيدة وأساسية في المفاوضات، في حين تؤكد الهيئة العليا للمفاوضات أنها تعتمد على بيان «جنيف1»، وجميع القرارات الدولية ومنها قرار 2118 الصادر من مجلس الأمن، والقرار 2254، وقرار الجمعية العامة 262/60، وأن تكون جميع القرارات الأممية مرجعية للمفاوضات والأساس لبناء مرحلة الانتقال السياسي.
وأضاف العريضي لـ«الشرق الأوسط» أنه «بات من الأفضل التفاوض مع روسيا التي تمارس على السوريين الابتزاز والقوّة العسكرية والسياسية وليس منصة موسكو». وفيما رأى أن نتائج هذه الاجتماعات لن تؤثر على مؤتمر الرياض 2 المزمع عقده في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، اعتبر أنه وبعدما أثبتت «الهيئة» نيتها الجدية في توحيد الصفوف يجب أن ترسل الدعوات إلى كل الأطراف المعارضة، كما لمنصة موسكو، لحضوره تحت عناوين المبادئ الأساسية للثورة والقرارات الدولية، وعندها من يوافق عليها يكون ضمن الوفد المفاوض ومن يرفضها عليه اختيار طريق آخر.
في المقابل، نفى رئيس «منصة موسكو» قدري جميل تمسكهم ببقاء الأسد، وقال: «لا نطالب ببقائه إنما مطلبنا هو عدم تحديد الشروط المسبقة إن لجهة رحيله أو بقائه، بل ترك هذا الأمر إلى طاولة المفاوضات»، مشيرا إلى أن مطلب «منصة موسكو» هو في عدم البحث في موضوع الأسد في الوقت الحالي والتركيز على القواسم المشتركة»، الأمر الذي رفضه العريضي، سائلا: «كيف يمكن أن أفاوض ممثل الأسد على رحيل رئيسه؟»، مضيفا: «رحيله جزء أساسي من الانتقال السياسي ولا يمكن التنازل عنه».
وقال جميل لـ«الشرق الأوسط» بعدما كان التقارب قد تمّ بين وفد الهيئة ومنصتنا خلال الفترة السابقة بشأن أمور عدّة وتكرّس أكثر في اللقاءات التي جمعتنا بهم في مفاوضات جنيف الأخيرة، تحقّق الأمر نفسه مع «الهيئة» في الرياض ونجحنا في تحديد نقاط الخلاف والتقارب». وفيما قال إن هناك توافقا حول الأسس ومرجعية القرارات الدولية ووحدة سوريا والحل السياسي، أشار إلى خلافات عدة، ولفت إلى أن «منصة موسكو» طرحت على الهيئة كما على مسؤولي الخارجية السعودية الذين التقتهم في الرياض برئاسة وكيل الوزارة عادل المردود «أن يتم التوافق على صمت إعلامي معلن ومقصود تجاه مصير الأسد والتركيز على النقاط الأخرى، وهو ما لاقى صدى إيجابيا».
وحدّد جميل الخلافات، بالتالي: «هم يطالبون بوفد موحد ونحن نسعى إلى وفد واحد مع الاحتفاظ بحق الاختلاف، كما أن هناك شرطين أساسيين نعارضهما، وهما، مطالبة الهيئة بضرورة وضع إعلان دستوري مؤقت، ونرى أن هذا الأمر وأن بحث به يتم وضعه بعد تشكيل الجسم الانتقالي، إضافة إلى وضع شرط رحيل الأسد قبل بدء التفاوض الذي نرى أنه يشكّل حاجزا وحجة إضافية أمام النظام لعدم المشاركة في أي مفاوضات وبالتالي إفشالها». وأضاف: «كذلك، لا بد من تعريف واضح للجسم الانتقالي لحسم الاجتماعات في هذا الموضوع، كما اعتبار أن القرار 2254 هو الأساس والكافي للدخول في المفاوضات في وقت تريد فيه الهيئة وضع برنامج ورؤية مختلفة، وهذا ما من شأنه تعقيد الأمور أكثر».
ورغم فشل المعارضة في توحيد رؤيتها لغاية الآن، يؤكد جميل السعي لتشكيل وفد واحد قبل مفاوضات جنيف المقبلة، معتبرا أن «الإيجابية في اجتماعات الرياض كانت في كسر احتكار الهيئة للمعارضة، وهو أمر بات لا رجوع عنه».
من جهته، قال جورج صبرا عضو الهيئة العليا للمفاوضات في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن الاجتماعات لم تحرز أي تقدم يذكر، أو اتفاق على شكل المرحلة الانتقالية في سوريا، مستدركاً بالقول إن الاجتماعات كانت جادة تم فيها تحديد ما وصفه بـ«مفاصل الاختلاف والاتفاق في القضايا الأساسية والمهمة، ومن ضمن أولوياتها مصير رأس النظام بشار الأسد في المرحلة الانتقالية، إضافة إلى الغطاء الدستوري للمرحلة الانتقالية».
وأفاد صبرا بأن الأطراف اتفقت على متابعة التشاور والحوار بهدف الوصول إلى توافق في جميع القضايا لتشكيل رؤية مشتركة للمفاوضات، مشيراً إلى أن «عقد المعارضة اجتماعات موسعة يعتبر تقدماً نسبياً، إذ إنها المرة الأولى التي تلتقي فيها الوفود من الهيئة العليا للمفاوضات بمنصتي القاهرة وموسكو، بشكل رسمي، لبحث قضايا جدية تتعلق بمهمة المفاوضات». وأضاف أن هذا الاجتماع «غير كافٍ للبناء عليه لأن نقاط الاختلاف لا تزال بارزة حول القضايا الحساسة، والهيئة العليا للمفاوضات ترى أن القضايا التي تم الاختلاف عليها، جوهرية».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».