{الجنائية الدولية} تلزم المهدي بـ2.7 مليون يورو عن تدمير أضرحة تمبكتو

اليونيسكو سبق أن قدرت الخسائر في المدينة التاريخية بـ11 مليون دولار

المهدي خلال إشرافه على هدم الأضرحة («الشرق الأوسط})
المهدي خلال إشرافه على هدم الأضرحة («الشرق الأوسط})
TT

{الجنائية الدولية} تلزم المهدي بـ2.7 مليون يورو عن تدمير أضرحة تمبكتو

المهدي خلال إشرافه على هدم الأضرحة («الشرق الأوسط})
المهدي خلال إشرافه على هدم الأضرحة («الشرق الأوسط})

قضت المحكمة الجنائية الدولية أمس (الخميس) بأن يدفع متشدد سابق، كان قد حكم عليه بالسجن بتهمة تخريب مواقع دينية في مدينة تمبكتو التاريخية بدولة مالي، تعويضا قدره 2.7 مليون يورو (3.2 مليون دولار). وكان قد حكم على أحمد الفقي المهدي بالسجن تسع سنوات عام 2016 بعد اعترافه بارتكاب جرائم حرب لدوره في تدمير عشرة مزارات ومواقع دينية في تمبكتو، تصنف من قبل منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو) على أنها تراث إنساني يجب حفظه، ويعود تاريخ هذه المواقع إلى القرن الرابع عشر عندما كانت مالي مركزا للتجارة والصوفية، وقامت فيها دول إسلامية عريقة في منطقة غرب أفريقيا. ونظرا لأن المهدي في السجن ولا يستطيع دفع التعويض، طلبت المحكمة من صندوق ائتماني لصالح الضحايا تابع لها أن يتكفل بذلك؛ وسيوجه هذا المبلغ إلى مدينة تمبكتو في صورة برامج تعليمية وخطط للمعونة الاقتصادية وربما لإقامة نصب تذكاري في المدينة التي توصف بأنها «مدينة الأولياء»، وهي التي أسسها الطوارق بين القرنين الخامس والثاني عشر، ويقال إن 333 ولياً تم دفنهم في مقابرها.
وقال القاضي راؤول بانجالانجان، إن الهجمات كتلك التي وقعت على المزارات الدينية، عندما كانت تمبكتو تحت سيطرة تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي عام 2012، تساهم في «تدمير جزء من الذاكرة الإنسانية والوعي الجمعي، وتجعل البشر غير قادرين على نقل القيم والمعرفة إلى الأجيال المقبلة». وأضافت هيئة المحكمة المؤلفة من ثلاثة قضاة، إن تعويضات فردية أقل ستتحدد لاحقا لأفراد كانوا يعتمدون على المواقع المدمرة مصدرا وحيدا للرزق، وللأحفاد المباشرين للأولياء المدفونين في الأضرحة المخربة، وبخاصة أن العديد من سكان المدينة التاريخية يعتمدون في حياتهم على ما يجنونه من عائدات السياحة.
وتعود قضية المهدي إلى أحداث وقعت في عام 2012 حين تمكن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وتنظيمات متحالفة معه، من بسط سيطرتهم على شمال دولة مالي، وفرض تطبيق رؤيتهم المتشددة للشريعة الإسلامية، التي كان أولها تدمير الأضرحة والمزارات دليلا على محاربة «الدجل والشعوذة».
وكان المهدي مقاتلاً في صفوف جماعة «أنصار الدين»، كما تولى رئاسة جهاز «الحسبة»، وهو الشرطة التي تتبع لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، إبان السيطرة على مدينة تمبكتو، وأشرف بشكل شخصي على تدمير الأضرحة والمزارات، كما ظهر في مقاطع فيديو وهو يشارك في عمليات الهدم باستخدام معاول تقليدية.
كما ظهر المهدي وهو يفتح باباً في سور المسجد القديم بمدينة تمبكتو، كانت قد طمرته الرمال ومنعت فتحه، ويطلق السكان المحليون على هذا الباب اسم «باب القيامة»، في إشارة إلى أسطورة قديمة تقول إنه إذا فتح ستقوم القيامة، ولكن المهدي ورفاقه من تنظيم القاعدة أقدموا على فتحه رغم رفض السكان لذلك، باعتبار أن الباب يعد أحد الأماكن التي تستقطب السياح. ومنع المهدي خلال قيادته لجهاز «الشرطة الإسلامية» في تمبكتو، زيارة القبور والمزارات التاريخية، وفرض دوريات من عناصر تنظيم القاعدة لمراقبة هذه المزارات ومنع السكان المحليين من الوصول إليها، ولكن التدخل الفرنسي شهر يناير (كانون الثاني) 2013، أرغم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» على الانسحاب من المدينة، ووقع المهدي في الأسر. وخلال محاكمته في شهر أغسطس (آب) الماضي طلب المهدي الصفح، وأقر بأن «القاعدة» و«جماعة أنصار الدين» غررا به، وقدم اعتذاره إلى أهالي مدينة تمبكتو وإلى سكان مالي، واستجاب لأمر القضاة بدفع تعويضات رمزية للدولة المالية والمجتمع الدولي بمقدار يورو لكل منهما، عن الأضرار التي لحقت بهما.
وأمهل القضاة صندوق الضحايا حتى 16 فبراير (شباط) المقبل لتقديم خطة حول كيفية تطبيق قرار دفع التعويضات. وسبق أن أوفدت اليونيسكو بعثة من الخبراء إلى مدينة تمبكتو عام 2013 من أجل تقصي الحقائق ودراسة الوضع وتقييم الخسائر التي لحقت بالتراث الإنساني في المدينة، من مزارات وأضرحة ومساجد ومخطوطات نادرة، وقالت البعثة إن أكثر من 4 آلاف مخطوط نادر تعرضت للتلف أو السرقة، وذلك من أصل 300 ألف مخطوط نادر في مكتبات المدينة. وأشارت البعثة إلى أن 16 ضريحاً ومزاراً تم تدميرهم بشكل كامل في المدينة، كما قدرت مجمل الخسائر التي ألحقتها القاعدة بالتراث الإنساني بالمدينة بأكثر من 11 مليون دولار أميركي، داعية إلى توفير هذا المبلغ من أجل ترميم الأضرحة والمساجد القديمة والتي تعود إلى عدة قرون سابقة.
وبالفعل، قامت بعثة اليونيسكو بعمليات ترميم سريعة للأضرحة التي تم هدمها، مستعينة بعمال بناء محليين.



الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
TT

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

ووفقاً للتقرير العالمي بشأن الاتجار بالأشخاص والصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فإنه في عام 2022 -وهو أحدث عام تتوفر عنه بيانات على نطاق واسع- ارتفع عدد الضحايا المعروفين على مستوى العالم 25 في المائة فوق مستويات ما قبل جائحة «كوفيد- 19» في عام 2019. ولم يتكرر الانخفاض الحاد الذي شهده عام 2020 إلى حد بعيد في العام التالي، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال التقرير: «المجرمون يتاجرون بشكل متزايد بالبشر لاستخدامهم في العمل القسري، بما في ذلك إجبارهم على القيام بعمليات معقدة للاحتيال عبر الإنترنت والاحتيال الإلكتروني، في حين تواجه النساء والفتيات خطر الاستغلال الجنسي والعنف القائم على النوع»، مضيفاً أن الجريمة المنظمة هي المسؤولة الرئيسية عن ذلك.

وشكَّل الأطفال 38 في المائة من الضحايا الذين تمت معرفتهم، مقارنة مع 35 في المائة لأرقام عام 2020 التي شكَّلت أساس التقرير السابق.

وأظهر التقرير الأحدث أن النساء البالغات ما زلن يُشكِّلن أكبر مجموعة من الضحايا؛ إذ يُمثلن 39 في المائة من الحالات، يليهن الرجال بنسبة 23 في المائة، والفتيات بنسبة 22 في المائة، والأولاد بنسبة 16 في المائة.

وفي عام 2022؛ بلغ إجمالي عدد الضحايا 69 ألفاً و627 شخصاً.

وكان السبب الأكثر شيوعاً للاتجار بالنساء والفتيات هو الاستغلال الجنسي بنسبة 60 في المائة أو أكثر، يليه العمل القسري. وبالنسبة للرجال كان السبب العمل القسري، وللأولاد كان العمل القسري، و«أغراضاً أخرى» بالقدر نفسه تقريباً.

وتشمل تلك الأغراض الأخرى الإجرام القسري والتسول القسري. وذكر التقرير أن العدد المتزايد من الأولاد الذين تم تحديدهم كضحايا للاتجار يمكن أن يرتبط بازدياد أعداد القاصرين غير المصحوبين بذويهم الذين يصلون إلى أوروبا وأميركا الشمالية.

وكانت منطقة المنشأ التي شكلت أكبر عدد من الضحايا هي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بنسبة 26 في المائة، رغم وجود كثير من طرق الاتجار المختلفة.

وبينما يمكن أن يفسر تحسين الاكتشاف الأعداد المتزايدة، أفاد التقرير بأن من المحتمل أن يكون مزيجاً من ذلك ومزيداً من الاتجار بالبشر بشكل عام.

وكانت أكبر الزيادات في الحالات المكتشفة في أفريقيا جنوب الصحراء وأميركا الشمالية ومنطقة غرب وجنوب أوروبا، وفقاً للتقرير؛ إذ كانت تدفقات الهجرة عاملاً مهماً في المنطقتين الأخيرتين.